من اللقاءات التاريخية: عندما تقابل أبو الرهبنة و أول ناسك في المسيحية

و في البداية الأنبا بولا, هو مصري, كانت بداية حياته صعبة جداً فبعد وفاة والديه, طمع زوج أخته في ميراثه, حيث قام بالإبلاغ عنه للمضطهدين للمسيحين آنذاك, فهرباً من ذلك الضغط اتجه نحو الصحراء و هو بعمر ال16 حيث ظل يعيش وحيدا في الصحراء حتي عمر ال 113 عاماً.
و كان ذلك الاضطهاد القائم علي المسيحيين بمصر من قِبل الاباطرة الرومان نظراً للخلافات الكنسية بين الشرق و الغرب التي أدت في النهاية بعد تمكن البيزنطية, من عقد مجمع خلقيدونية عام 451 الذي بسببه اتفقت بعض الكنائس علي الإشنقاق عن الكنائس الرومانية و البيزنطية لينتج عنه “القبطية المصرية” و كنائس آخري, و القبطية المصرية هي أرثوذكسية شرقية, و للعلم كلمة أرثوذكسية في الأساس هي مزيج من كلمتان يونانيتان و هما “أرثوس و دوكسا” و تعني سوياً بعد التركيب “أرثوذوكس” التي تعني “الإيمان الصحيح أو العبادة الحقيقية”.

و لأن وفاة الأنبا بولا قبل الانشقاق و قبل مجمع خلقيدونية و لأنه مصري الأصل و تعرض لنفس الضغوط و الأضطهاد الذي تعرض له الأقباط يظل الأنبا بولا من أهم الشخصيات في التاريخ الكاثوليكي و الأرثوذكسي معاً.
أما شهرة الأنبا بولا فترجع إلي كونه حسب الوثائق أول ناسك في تاريخ المسيحية, فحينما اتجه للصحراء بذلك العمر الشاب حتي وفاته كانت تلك بداية فكرة أن يرحل أحد من الأضطهاد و يلجئ للوحدة للمقدرة علي ممارسة الشعائر و هو فكر تأثر به الدين المسيحي نتيجة الضغوط التي عاني منها علي مدار تاريخه.

و عاش الأنبا بولا علي مدار حياته بين الجبال في الصحراء بالقرب من طيبة بمصر بعد ان رحل عنهاو سكن في الكهوف بجوار نبع مياه و بعض النخل, و استمر الأنبا بولا لسنوات و كاد أن يُنسي, و لكن قبل وفاته بفترة قصيرة, أثناء ما كان (أول راهب في التاريخ) المصري أنطونيوس الكبير أيضاً في الرهبنة و مستمر بالعبادة بعد أن باع كل أملاكه و منح تلك الأموال للفقراء, شعر أنطونيوس في منامه كأن هناك رسالة تشير لشخص أقدم منه في مكان معين.

و لم يتجاهل أنطونيوس تلك الرسالة و عندما استفاق شرع بالبحث و بالفعل عثر علي الأنبا بولا, و كان في ذلك العام الأنبا بولا بعمر ال 113 عاماً, و جلسا سوياً يتحدثا و أكلا سوياً ثم تركه بطرس الأكبر و رحل علي أن يأتي لزيارته في العام التالي, و عندما جاء في العام التالي كان قد مات بولا, و كان أنطونيوس قد أحضر له رداء كهنوتي هدية من بابا الإسكندرية “أثناسيوس الأول” فألبسه الرداء و دفنه.

و لولا الرسالة التي وصلت لأنطونيوس و بحثه عن بولا و عثوره عليه لما عرف العالم بولا بذلك الشكل الذي يعرفه حالياً. و يُعتبر ذلك اللقاء بين الاثنان هو واحد من أهم اللقاءات في تاريخ المسيحية, و من أشهر اللقاءات في التاريخ عموماً لما تم من أعمال فنية لتوثيق ذلك الحدث.
أضغط هنا: لمعلومات عن القديس أنطونيوس و عن أسباب دخوله الرهبنة
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.