شرقي توركستان (تركستان الشرقية), و أشهر صراع انفصالي مؤخراً, ما سبب الصراع و ما جذوره التاريخية!
و شرقي توركستان تُعرف بأكثر من اسم, منها اويغورستان و سنجان و تركستان الصينية و تركستان الشرقية… اهمهم تركستان الشرقية و سنجان.

و تختلف التسمية في أكثر من دولة, فمثلاً في شرقي توركستان نفسها شعوب الأويغور الانفصالية التي تريد الانفصال بتلك المنطقة تُطلق عليها أويغورستان و التي تعني “أرض الأويغور” أما سنجان فهو المسمي الصيني و تعني “المنطقة الجديدة” و كانت تلك التسمية تعود إلي قرون عديدة عندما تم ضم المنطقة لحدود الامبراطورية في عهد سلالة تشينغ, أما في روسيا فيُستخدم اسم شرقي توركستان او تركستان الشرقية/الصينية و ذلك للتمييز بينها و بين تركستان الغربية التي تُعرف أكثر بمسمي “وسط آسيا السوفيتي” قديماً و هي دول مستقلة حديثاً أهمهم تركمانستان و قيرغستان.

و قبل الخوض في العداء التاريخي, نقطة توضيح, “تركستان الشرقية” هي منطقة “ذاتية الحُكم” و عدد سكانها 21 مليون شخص 11 مليون منهم مسلم (أويغور) و البقية متنوعة و لكن 90% من البقية شعوب (هان) و هي شعوب ليس لها دين ( و قليل منها بوذي أو كونفوشيوسي), و كلمة ترك ستان, تعني أرض الترك لأن أصولهم ترك رغم إنفصالهم في البداية عن الترك بحروب, و بعد أن تمكنت منها الصين منذ ما يقرب ل 1000 عام, أصبح اسمهم “سنجان” و يُصر أهل سنجان أن الكلمة تعني (الأرض الجديدة) مما يعطيهم حق الإنفصال و تُصر الصين أن الأساس كلمة (عودة الأراضي من جديد) و ذلك جزء من بداية الخلاف بينهما.

و الصراع الأصلي للأمر هو صراع حدودي انفصالي, و لكن هناك أيضاً صراع ديني و عرقي واضح, فيترأس الاستقلال التركستاني حزب تركستان الإسلامي الذي يُعرف ب “حركة تركستان الشرقية الإسلامية” و ما يثير الأزمة في الصين هو نشاط تلك المنطقة, ففي عام 1991 قامت شرقي توركستان بتأسيس منظمة فريدة من نوعها و تُعرف بمنظمة الأمم و الشعوب غير الممثلة.

و الهدف من منظمة الأمم و الشعوب الغير ممثلة أن تعمل كمنظمة تجمع كل الشعوب التي لا يتم الاعتراف بها أو يتم ضمها إجبارياً ضمن دول آخري مع إختلاف الفكر و الدين و العرق و أحياناً اللغة, و تهدف تلك المنظمة إلي محاولة إتمام عمليات الانفصال او الاستقلال او التوصل لحلول بعيداً عن العمليات الارهابية و العنف و استخدام السلاح و القتل لحل الأزمة, و هي منظمة هامة رغم عدم الأعتماد بها في كثير من الدول إلا أنها تهدف إلي تقليل العنف السائد في العالم و منع تجار السلاح من إستغلال حركات الانفصال لتحقيق الارباح بإشعال الأزمات بين الشعوب المتنازعة.

و تجمع تلك المنظمة شعوب من مختلف دول العالم من ضمنها كردستان و تركمان العراق و كردستان ايران و كوسوفو و الأفريكان (الجنوب افريقيين البيض من جذور هولندية) و التبت. و كان العديد من الدول تابعة لها قديماً علي رأسها جميع دول البلطيق و أرمينيا و جورجيا و تُعرف المنظمة عالمياً باسمها المختصر UNPO.

و للعلم يوجد مناطق داخل تركستان الشرقية تُعرف باسم “هوي تشيانغ” و تعني حرفياً بلغة “ويد جيلز” أو الأبجدية الرومية “المنطقة الاسلامية” و أحياناً تُعرف باسم “ألتي شهر” و تعني حرفياً “الستة مدن” باللغات الأتراكية.

و يستمر النزاع حتي اليوم علي الانفصال حيث تعتبر تلك المنطقة نفسها مثلها مثل إيران و تركيا و باقي الدول المسلمة في المنطقة, لديها حق بالإحتفاظ بوطن مستقل عن الصين, بإعتبارها أيضاً من الدول التي تم ضمها للصين و ليست من ضمنها بالأساس لذلك تستمر بطلب حقها في الاستقلال, و يتم الضغط بالتسمية الصينية التي كما ذكرنا تعني “المنطقة الجديدة” حيث ترفض الصين ذلك التفسير بإعتبارها ليست جديدة, و لكن تشير الوثائق ان رسمياً تم ضمها حديثاً في عهد سلالة تشينغ. و بعد انهيار الامبراطورية و اندلاع الحرب الأهلية في الصين بدأت تطالب بحقها أيضاً في الانفصال, و بشكل خاص لأن أغلب سكانها من المسلمين, إلا أن الأقوي بالمنطقة الفئات الغير إسلامية و هي الأخطر أيضاً لأن القوي الإسلامية فعلياً تحاول اللجوء للحل السلمي و ليس كما يتم التداول.

أي بمعني آخر الأزمة أساسها سياسي و هو الانفصال و هو أمر ترفضه الصين, و لكن تحولت الأزمة إلي أزمة دينية, نظراً لأن الدين أصبح حالياً هو الأساس الجامع ل 11 مليون شخص علي الأقل من سكان منطقة الأويغور/سنجان علي الإنفصال, و مع أستمرار الفكر الشيوعي فترفض الصين أن تتحد أي فئة أو عرق تحت أي مسمي سوي الوطن. و كان من المفترض بمنح المنطقة حُكم ذاتي أن تُصبح مثل التبت أو هونج كونج أو ماكاو, أن تظل تابعة للصين من الناحية العسكرية و الجغرافية, و تنتهي الأزمة بذلك, و لكن تريد تركستان الإنفصال الكامل. و ما يحدث اليوم معهم حدث في السابق مع التبت, مما دفع التبت حالياً لتقديم مقترح بتأسيس “فيدرالية صينية” و لكن لم يتم قبوله حتي الآن.

و كل ذلك أدي في النهاية إلي حقيقة أن الاستهداف حالياً هو استهداف إسلامي بحت, و لكن مبني علي تاريخ سياسي بين المنطقة و الدولة. و إن كنت في صف تركستان فتاريخياً لها الحق أن تستقل بإعتبارها تم ضمها و هي ليست صينية في الأساس, أما إن كنت في صف الصين فلها الحق أن تحافظ علي حدودها الحالية و لا تخسر أي منطقة و بشكل خاص إن كانت غنية بالموارد, و لو تنازلت الصين و انتشر المفهوم و أستقلت تركستان ستبدأ التبت و باقي المناطق بالمطالبة بالمثل.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.