صدق أو لا تصدق, هكذا كان يُستخدم “الحشيش” في عصر القدماء المصريين, الذي يفتح باب من الممكن أن يغير التاريخ الذي عرفناه!
و الحشيش معروف منذ زمن بعيد حيث كان يُستخدم أحياناً كعشب طبي, و لكن في مصر كان الحشيش مختلف عن باقي الدول و استخدامه لم يكن يقتصر فقط على الإستخدام الطبي!

و كما جرت العادة لابد أن يبهرنا القدماء المصريين بطفرات علمية بعضها لم يُكتشف سرها حتى الآن, و استخدام الحشيش هو واحد منها أيضاً, و أكبر دليل على التقدم الطبي للقدماء المصريين هو أول بردية تم كتابتها في تاريخ البشرية “بردية إبريس” التي توضح أهمية بعض الأعشاب و طرق العلاج المختلفة لما يشمل الإلتهابات , و تُعتبر تلك البردية في حد ذاتها طفرة علمية كبيرة.

و لكن أوضحت بعض الأبحاث أن الحشيش كان يُستخدم في مصر و كانت السيدات من مستخدمينه, و لكن ليس من أجل تعاطي المخدرات, بل كان يُستخدم في بعض الأحيان كعلاج للإكتئاب و الأزمات النفسية في تلك الحُقبة, أي أن ذلك يوضح أن القدماء المصريين تعمقوا في الطب النفسي ايضاً!

و تم إكتشاف إستخدام الحشيش في علاج بعض الأمراض المستعصية و على رأسها الورم الخبيث, و لكن يُعتقد أن استخدامه كان من أجل معالجة الأعراض فقط أو تقليل حدتها و لكن ليس لعلاج المرض ذاته, و الغريب أن حديثاً فقط أتجهت صناعة الدواء و الطب نحو إدراج الحشيش ضمن بعض أنواع الأدوية التي تُستخدم لتخفيف الشعور بالالام و بعض الأمراض التي تحتاج لمهدئ.

و لم يتوقف القدماء المصريين عن الإبداع بل كان يدخل الحشيش في الصناعة, فكان يتم تصنيع الحبال و أشرعة السفن من الحشيش ايضاً, و أوضحت دراسة متعمقة في عمليات البناء في مصر القديمة و بشكل خاص في التعامل مع الصخور, و التي ذكرت وصول المصريين القدماء لإبتكار في إستخدام الحشيش بعد نقعه في المياه ثم تجفيفه كان يتحول إلى صلابة كافية لإحداث شقوق بالصخور و عند الدق على الحشيش داخل تلك التشققات كان يؤدي لكسر الصخور الضخمة!

و يوجد آثار تُثبت ذلك من التاريخ المصري القديم و هو “سشات” ملك (تأليه) الحِكمة عند القدماء المصريين, حيث كان رمز سشات هو رسم له مع وضع نبتة الحشيش فوق رأسه, و هناك أيضاً بعض التقارير التي أوضحت أن الحشيش تم إستخدامه في مصر القديمة في أعمال السحر و التي أشتهر بها كثيراً القدماء المصريين.

و بعيداً عن الدلائل الوثائقية و الأثرية يوجد دلائل معملية أيضاً على ذلك, و بالتحديد جثة الملك “رمسيس الثاني” و التي عند فحصها تم العثور على بقايا مواد بعد الكشف عليها تم إعلان أن تلك المواد هي “حشيش” ثم تلي ذلك العثور على نفس المادة لدى أكثر من مومياء أُخرى. و تم تأكيد ذلك في تقرير صدر عام 1881. صدم هذا التقرير العالم و رفضه العديد, لأن فكرة وجود الحشيش في تلك الفترة في مصر تطرح تساؤل هام.

فمن أين أتى المصريين بالحشيش في تلك الفترة, فحسب الوثائق و تاريخ الحشيش ذاته كانت بداية الحشيش في آسيا فيما يقع داخل الهند و منتشر في جنوب آسيا منذ عام 8 آلاف قبل الميلاد و ظل منتشر هناك, فلم يصل الحشيش إلى تلك البقاع القريبة من مصر حسب ما كان معروف سوي عام 1230م تقريباً (في أبحاث أُخرى 800م) و كانت أول منطقة قد وصل بها هي بلاد الفرس. و ذلك يطرح تساؤل, فإلى أي مدي تمكن القدماء المصريين من الوصول في خريطة العالم!

و مما تم ذكره, يعكس ذلك أن العلم أهم من الموارد, فكلما تطور العلم كلما تمكنت من تطويع الموارد لما يناسبك, فيُمكن أن يُغني العلم عن الموارد (اليابان) و لكن لا يُمكن أن تغني الموارد عن العلم (أغلب دول إفريقيا للاسف), أما سبب صعود الدولة المصرية القديمة للقمة بهذا الشكل هو الوفرة في الموارد و الأيدي العاملة و العلم و إلتزام الدولة بالعقيدة (حتى و إن لم تكن صحيحة في تفاصيلها), فإجتماع الأربعة معاً هو أقصر طريق للصعود للقمة.

و هكذا كانت تستخدم مصر الحشيش, و لك أن تتخيل الفرق بين الأمس و اليوم عندما يدخل الحشيش مصر و لا يجد لنفسه دور سوى أن يدخل ضمن تروس التنمية, فكان لدى مصر من العلم ما يكفي لتطويع أي شئ لنهضة الدولة حتى و إن كان الحشيش الذي تحول حالياً لوسيلة واضحة و صريحة لتدمير المجتمعات و يتم ضخه و التسويق له بشكل مخزي و متعمد يشبه كثيراً ضخ الأفيون من إنجلترا داخل الصين, و الحشيش الحالي مختلف عن الحشيش المذكور هنا لأنه ممزوج بمواد أقل ما يتم وصفها به أنها مواد مدمرة.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.