من يملك القطب الشمالي؟ حكاية ما يُعرف بالحرب الباردة الجديدة, و لكن تلك المرة هي باردة حقاً! ماذا يحدث في القطب الشمالي في الخفاء؟
و ربما نذكر عندما قام الرئيس الأمريكي ترامب بتصريح أعتقده البعض أنه تصريح من شخص غير عاقل, عندما أعلن أنه يريد شراء أكبر جزيرة في العالم “جرينلاند” و هي ليست للبيع بالطبع, و لكن الحقيقة أن ترامب كان بذلك الإعلان يوجه رسالة في منتهي الذكاء.

و في البداية, أين يقع القطب الشمالي؟
القطب الشمالي بالتحديد يقع بين 8 دول, و هم أمريكا و كندا و روسيا و الدول الاسكندنافية (الدنمارك فنلندا النرويج السويد) و أيسلندا. و يوجد صراع خفي غير معلن بين ال 8 دول علي ملكية المنطقة المائية المحيطة بالقطب الشمالي, و جاء ذلك مؤخراً عندما قدمت أكثر من دولة من المذكورين أوراق رسمية للأمم المتحدة توضح أحقيتها بإمتلاك الجزء المائي المحيط في مناطق معينة من القطب الشمالي, و أزداد ذلك مؤخراً نتيجة تغير المناخ و إصدار دراسات تفيد بأن الجليد المحيط بالقارة سيختفي تماماً في ما بين عامي 2040 و 2050 بالإضافة إلي سهولة إمكانية الوصول لبعض الأجزاء من المياه المحيطة بالمنطقة الجليدية حالياً.

و علي رأس الدول التي بدأت التحرك من أجل ملكية المنطقة هم روسيا و أمريكا الأعداء المعتادين في الحرب الباردة الشهيرة التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية و إنتهت بمعاهدة لحقها إنهيار الاتحاد السوفييتي و تفككه بنهاية عام 1991. الأمر الذي جعل الحرب الجديدة تُعرف ب “الحرب الباردة الجديدة” و لكن نتيجة برودة المنطقة فهي حرب باردة حقاً.

و لكن ما سبب الصراع الحاد بين تلك الدول علي المنطقة القطبية الشمالية و هو ليس من أجل الدب الأبيض بالتأكيد, و لكن الحقيقة أن تلك المنطقة تحتوي علي كم هائل من احتياطي النفط و الغاز, فيحتوي قاع البحر حول المنطقة القطبية الشمالية علي ما يقرب ل 13% من إجمالي الاحتياطي النفطي في العالم الذي لم يتم إكتشافه بعد (90 مليون برميل تقريباً), و 30% من الغاز الطبيعي تقريباً في باطن الأرض الذي لم يتم إستخراجه بعد. و ذلك حسب ما تعتقد إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

و رغم أن تلك المعلومة متعارف عليها قديماً إلا أن الصراع اشتد مؤخراً بعد التطور التكنولوجي الهائل في عملية الحفر و الاستخراج التي مكنت تلك الدول حالياً من تحديد طرق إستخراج النفط و الغاز من قاع البحر حول المنطقة القطبية, مع الأخذ بالحسبان إتفاقية “UNCLOS” و هو قانون أصدرته الأمم المتحدة و تم توقيع جميع الدول المعنية عليه, و ينص علي أن أي دولة بإمكانها أن تقوم بعملية الحفر و الاستخراج من قاع البحر في مسافة بحد اقصي 370 كيلومتر من سواحلها, و يتم إضافة 321 كيلومتر آخرين فقط في حالة تقديم الدولة إثباتات و مستندات توضح أن ذلك الحد متصل مع الكتلة الأرضية للدولة.

و لكن تخضع تلك الموافقة علي المساحة الإضافية لقرار رئيس اللجنة المفوض في الأمم المتحدة, و هنا يبدأ الخلاف بين الدول عندما يتم تقديم الأوراق التي تثبت الإتصال المذكور و يتم رفضه أو قبوله. و رغم كل ذلك الصراع فالوضع الحالي للجزء القطبي الشمالي يعني أنه لن يتمكن أحد من البدء باستغلال موارد المنطقة قبل العديد من السنوات ربما عقود, و لكن الصراع مستمر حالياً لتأمين المستقبل.

أما عن تصريح ترامب, فيأتي ذلك بسبب الصين, رغم أن الصين ليست ضمن ال 8 دول و ليست طرف ايضاً بأي شكل بحدودها مع القطب الشمالي, إلا أنها حالياً تريد أن تُصبح جزء من التقسيم في المنطقة القطبية و تبحث من خلال كل السبل حالياً لتأمين ذلك من خلال العلاقات مع دول آخري و محاولة إستغلال وضعها الاقتصادي لفرض نفسها في المعاهدة, الأمر الذي دفع ترامب للخروج بهذا التصريح, و في الغالب كان يريد أن يوضح ان القوة الشرائية لأمريكا قوية ايضاً كرسالة منه للصين. و لكن لم تتأثر الصين بذلك و مازالت مصممة علي أن تكون جزء من أي صفقة تقسيم يستم عقدها. صراع الكبار يتصاعد شيئاً فشيئاً.

يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.