معركة لينينجراد:الجزء الثاني: عبقرية هتلر تكمن في التفاصيل.. إنهيار السوفييت وحكاية أسعد خبر لهتلر بالحرب
و كما ذكرنا أن خطة ألمانيا كانت قائمة على التجويع الروسي و سقوط عدد محدد من الروس قتلى ثم يبدأ غزو المدن الروسية بسهولة و الإستيلاء عليها لبدء توفير المؤن لألمانيا عبر أوروبا بالكامل, و تم منح القوات أوامر بعدم دخول المدينة و الإبقاء على الحصار الخارجي و ذلك بعد أن كلف هتلر بعض الباحثين بدراسة ضمن الخطة و توصل الفريق في النهاية أن مدينة لينينجراد لن تصمد أمام الحصار أكثر من بضعة أسابيع بسبب المجاعة.

أما داخل المدينة, فتولت لجنة من المجلس الأمر و شكلت أجتماع عاجل و تم إتخاذ قرار اللجوء للمدنيين لتشكيل جبهة دفاع عن المدينة, و عمل تعبئة عامة لملايين من سكان المدينة و بدء عملية بناء ضخمة و موسعة بأقصى سرعة لدروع و حصون في محاولة لتشكيل جبهة مقاومة شعبية لصد الهجوم في فترة الحصار, و من ناحية حصار الجيش الفنلندي تم تشكيل دروع من ألواح الأخشاب العملاقة و أسلاك شائكة و أنفاق دفاعية و ملئها بالأسلحة تحت الأرض.

و تزامن مع ذلك تحرك الفرق الاخرى الألمانية و دخولها مدينة نوفوجرود و كانت تلك بداية الكارثة بعد العثور على مستندات قيمة تحتوي علي أسرار خطط الدفاع السوفييتية, و وصل الجيش الألماني لتلك المدينة بعد عمليات قتل عنيفة في الجيش السوفييتي و أستمرت تلك الفرقة أيضاً حتى وصلت لمدينة لينينجراد ليكتمل الحصار الدموي على المدينة و تبدأ عملية العزل التامة و من تلك النقطة أعطي هتلر أوامره:
“مدينة لينينجراد أولاً ثم حوض دونتيس (دونباس حالياً) ثانياً ثم موسكو ثالثاً”.
و كانت تلك أولويات هتلر بالحرب. و التي كانت عكس المتوقع من السوفييت حيث أعتقد ستالين في البداية أن الأولوية لهتلر هي موسكو.
و فاجئت فنلندا هتلر بخبر سعيد, عندما أخبرته أنها استطاعت الوصول لرموز شفرة التواصل السوفييتية العسكرية, سعد كثيراً هتلر بذلك الخبر و بدأ على الفور بالقصف و بالتحديد يوم 8 سبتمبر عام 1941, لتشتعل الحرائق في أنحاء المدينة و حسب السجلات السوفييتية أشتعلت حرائق في 178 مكان مختلف بداخلها, و صمم هتلر على القصف من الخارج و رفض إحتلال المدينة, حيث ذكر ان دخول الألمان للمدينة سيحول الألمان أنفسهم لمصدر دخول الغذاء لها و ذلك سيتعارض مع خطة إسقاط السكان قتلى دون قتال عن طريق المجاعة كما ذكرنا.

و تم الإتفاق على الدخول بحلول بداية العام التالي (1942) حيث قال هتلر بالتحديد “سننتظر لمطلع العام القادم, إذا لم يفعلها الفنلنديين, نحن سنفعلها“, و كان يقصد البدء بالإشتباك و الهجوم على المدينة, و أرسل هتلر خطاب رسمي موقع كأمر للجنود بعدم إحتلال المدينة.

و كان الفنلدنين يشكلوا ضغط و خطر بحصارهم, وذلك بعد ان تمكنوا من الدخول و استرداد المناطق التي خسرتها لصالح السوفييت في حرب الشتاء, و بعد ان تمكنت فنلندا من تلك المناطق توقفت عند ذلك الحد, حيث أرسل هتلر إليهم يطلب أن يقوموا بتشكيل هجمة جوية على لينينجراد و لكن رفضت فنلندا ذلك, و بقيت على الدفاع عن المناطق التي أستردتها, بل و بدأت تصب تركيزها على توسعة فنلندا بضم مناطق أكبر لصالحها لتقوم بتشكيل ما كان يتم تداول اسمه بالداخل ب “فنلندا العظمي”.

و أدى ذلك الرفض لإضعاف الألمان خصوصاً بعد أن بدأت تصدر من السوفييت هجمات مقاومة خطرة لم تستطع ألمانيا صدها بسهولة أو اخمادها مما أدى بدوره لبداية االتراجع الألماني. و بذلك رفضت فنلندا الإستمرار في المعركة أمام السوفييت على طريقة هتلر, و إختلت الخطة الألمانية في الحصار و أصبح هناك جزء هام من الحصار على المدينة لا يخضع لمخطط ألمانيا بالفعل.

و بعد الرفض بدأت القوات النازية بشن هجمة جوية عنيفة على المدينة و لكن فوجئت بدفاع جوي قوي من السوفييت, ليستمر الضغط و يبدأ قصف المدفعية للمدينة لمدة عامين كاملين, و في كل عام كانت تقوم القوات النازية بإرسال معدات أحدث و أكثر تطوراً عن التي سبقتها, و في كل مرة كان يفر السكان للإختباء أسفل أسطح الحماية, و رغم ذلك سقط أكثر من 5 آلاف قتيل و 20 ألف جريح نتيجة ذلك القصف فقط.
ليبدأ الجحيم الألماني.. مع الجزء التالي و الأخير في تلك السلسلة و العامل النهائي الذي بث الحياة في لينينجراد و فتح باب الجحيم على هتلر…
لا تعليقات بعد على “معركة لينينجراد:الجزء الثاني: عبقرية هتلر تكمن في التفاصيل.. إنهيار السوفييت وحكاية أسعد خبر لهتلر بالحرب”
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.